التفكير هوُ عمليةٌ ذهنيةٌ تقضي بالتوصلِ لفكرةٍ أو جملةٍ من الأفكار، منها
النافع و منها الضار، و النافعُ منها له أن يُخلِّف إستقلاليةً إيديولوجية، لهَا أن تُميّز الفرد عن إن كانَ تابعًا للقطيع أم لا.
كيف نعرف أنّنا نُفكِّر بطريقةٍ سليمةٍ ؟
في الحقيقة كلُّنا عاقلون، لكن كيف نُميّز بين العقل الذي تَكمُن فيه أفكارٌ صالحة و أفكارٌ فاسدة؟
إنَّ الشرط الأول من شروط سلامة التفكير، هو الإستقلالية، حيثُ يجبُ على الإنسان أن يكونَ عقلهُ ممتلئًا بالأفكار التي توصَّل إلى صحَّته بنفسه، و لم يتكاسَل على تكليف الأمور جُهد التفكير فيها.
لكن ماذا لو أنّي أرَى أنَّه توجد فكرةٌ مُتداولةٌ لدى العامة، تأكدتُ من صحّتها بنفسي؟
حسنًا، الأغلبية ليست نذير شؤمٍ دائما، فيوجد مثلا مُجتمعات تحرص فيها الأغلبية على تناول وجباتٍ مُعينةٍ نصح بها الأطباء أو العلماء و أقرّوا بفائدتها على جسم الإنسان، فهل تُعتبر شهادةُ الأطباء بخصوص تلك الوجبات باطلة لمجرد أنَّ الجميع إتّبعها؟ لا. لكن كيف تتناول هذه الأطعمة بحيثُ تكون متأكدًا بنفسك أنّها نافعة؟
أول شيءٍ عليك أن تنفي إحتمال أن يكون الطعام الذي تأكله صحّي لمجرد أنّ الجميع يتناولونه، إحذر، الغالبية دائمًا معرضةٌ لأن تخطئ.
ثاني شيءٍ عليك بأن تتعامل مع الموضوع على أنَّه قضيةٌ هامة، تتطلب منك البحث و الحذر و التيقُّظ، كالبحث في مصادر موثوقة تُقِّر بصحة ما يفعله الناس.
لابدَّ أن يتبع شرط الإستقلالية شرطًا آخر مكمِّلا لها، و إلا، فهل يصحُّ القول أن الإستقلالية وحدهَا تكفي ؟ إن كان الجواب بنعم، فل نفترض أنَّ رجلًا فكَّر و فكَّر ثم فكّر، و من ثمَّ قرر نسف جميع الذين يسكنون في بلدته، و إستقلاليةُ تفكيره تكمن في توصلِّه بمفرده لضرورة قتل الناس، بالإضافة إلى أنَّه الرجل الوحيد الذي يفعل ذلك، أي أنّنا هكذا نفينا إحتمال أن يكون متأثرًا بأغلبيةٍ أو بأطراف أخرى....
فهل هذا تفكير سليم؟
إذا، لنا أن نستخلص أن التفكير السليم هو التفكير المُستقل، و كذلك التفكير الذي يرجع على الذات و الآخر بالفائدة لا بالضرر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق