قال ابن عبّاد: أوّلها دعوة وآخرها ملك وسلطان وغنيمة.
فالدين يبدأ سلميّا حين يكون ضعيفا ولكنّه يكشّر عن أنيابه ويخرج مخالبه ما أن تتحقّق له بعض القوّة.
المسيحيّة التي سبقت الإسلام سارتْ على هذا النهج وسلكتْ هذا الطريق، وظلّت مسالمة لما يقارب ثلاثة قرون، كانت مسالمة لأنّها ضعيفة، لكن تغيّر الخطاب في القرن الرابع ما أن اعتنقت روما المسيحيّة وتحقّقت القوّة لها، فكشّرت عن أنيابها وأخرجتْ مخالبها، وسنورد بعض الأمثلة:
بداية القرن الرابع:
قنسطنطين يعتنق المسيحيّة ويصدر أوامره بإحراق كلّ الكتب المعارضة للعقيدة، ومهدّدا بعقوبة الصلب لكلّ من يحافظ على كتاب لا يتماشى مع الرؤية الرسميّة لمجمع نيقيّة.
نهاية القرن الرابع:
المسيحيّة تصبح ديانة الدولة رسميّا تحت حكم تيودوس، ويتمّ تحطيم المعابد الرومانيّة وتحويلها إلى كنائس، ليتحطّم معها بعض تاريخ الفنّ القديم، ولتُمنع أيّ ديانة أخرى غير المسيحيّة.وتمّ إصدار (في عهد تيودوس وحده) 15 مرسوما ملكيّا بالتعذيب ضدّ المخالفين للعقيدة، قتمّ ملاحقة المانويّين وقتلهم، وسمل أعين المارسونيّين (marcionites) وهو مذهب مسيحيّ، وتمّ حرق كتب الآروسيّين. (مذهب مسيحيّ)
تحت حكم تيودوس أيضا تمّ إسقاط الحقوق الاجتماعيّة للـ "كفّار" ولم يعد لهم الحقّ في الوراثة ولا المشاركة في المجتمع.
سنة 385 ميلادي، القدّيس تيوفيل بطريرك الإسكندريّة يحطّم أيضا المعابد الرومانيّة ويستعمل حجارتها لبناء الكنائس، وخاصّة معبد ميترا ودينوسوس، وفي سنة 391 يحطّم معبد سيرابيس مع مكتبته الضخمة وكان يُعتبر من روائع الفنّ المعماري.
وفي سنة 385 أيضا ولأوّل مرّة، يصدر الحكم بحرق شخص "زنديق" حيّا بعد تعذيبه، وهذه البربريّة سيتمّ تعميمها بداية من سنة 447 ميلادي.
سنة 401 في شهر يونيو، يأمر القدّيس أوغسطين في قرطاج بتحطيم المعابد الوثنيّة هناك فهاجمها الشعب الهائج وقام بتكسيرها وقُتل فيها بعض "الكفّار".
سنة 415 يهاجم بعض الرهبان المسيحيّن المرأة Hypathia وهي أكبر عالمة رياضيّات من مدرسة الإسكندريّة ويتمّ قتلها بتحريض من سيريل بطريرك الإسكندريّة. وبعد مقتلها يغادر عديد الفلاسفة والعلماء الإسكندريّة خوفا من همجيّة هؤلاء الرهبان ويتفرّقون في فارس والهند، لتفقد الإسكندريّة بريقها المعرفيّ بعد أن كانت منارة للعلم، ويتمّ حرق كلّ المخطوطات "الكافرة" للفلاسفة والتي استطاع البعض منها النجاة بفضل ما تمّ حفظه عند الفرس والهنود والصينيّين وكذلك عند "العرب: أثناء الفتوحات والذين ترجموا أعمالا عديدة، بينما غطستْ أوروبا في الظلام الدامس.
سنة 532 ميلادي يغلق جستنيوس مدرسة أثينا، ففرّ الفلاسفة والعلماء إلى فارس.
سنة 590 ميلادي يأمر القدّيس غرغوريوس بفرض المسيحيّة في الأراضي المحتلّة من قبل روما، أحيانا بالترغيب وأحيانا بالترهيب والعنف.
بين القرن السابع والخامس عشر الميلاديين، وبسبب حرق كلّ المكتبات تقريبا، وفي تلك الفترة تمّ حرق حوالي مليون امرأة حيّة بتهمة السحر.
سنة 804 ميلادي يُدخل الإمبراطور شارلمان عديد الساكسون إلى المسيحيّة، مقترحا عليهم التالي:
إمّا أن يصبحوا مسيحيّين وإمّا أن تقطع رؤوسهم، وتمّ قطع عشرات الآلاف من رؤوس الساكسون بمباركة الكنيسة التي تطبّق شريعة الله على الأرض.
سنة 897 ميلادي، يأمر البابا إتيان السادس بإخراج جثّة البابا الذي كان قبله "فارموس" ويأمر بسحبها من قدميها ويقطع ثلاثة أصابع منها ثمّ يلقيها في النهر، فقام البعض بحمل الجثّة -خفية- وأعادوا دفنها، و مع البابا سرجيوس الثالث الذي بعده أمر مرّة أخرى بإخراج الجثّة وألبسها ملابس البونتيفيكيّة وأجلسها على العرش ثمّ أعاد محاكمتها، (افتراضيّا) ثمّ قطع لها ثلاثة أصابع أخرى ومزّق الجثّة وألقاها في النهر، لكن هذه المرّة لم يعد أحد دفنها.
في القرن الحادي عشر ميلادي يطالب بطريرك الاسكندريّة باستعمال الخميرة في الخبز أثناء الاحتفالات المسيحيّة، لكن بابا روما يؤكّد على ضرورة استعمال الخبز بلا خميرة، وأمام هذا الاختلاف (نقطة جوهريّة كما ترون!) انقسما وسقط بطبيعة الحال مئات القتلى.
سنة 1099 تسقط القدس في الحروب الصليبيّة، ويسلّم الحاكم العربي المدينة بشرط أن يتمّ الحفاظ على الشعب، فوافقوا على ذلك، ففتح الحاكم أبواب المدينة، لم يحترموا العهد، سبعون ألف مدنيّ تمّ قتله ساعات بعد فتح المدينة، أمّا النساء والأطفال فقد تمّ اغتصابهم قبل قتلهم أو استعبادهم. وتمّ تحطيم المساجد والمعابد اليهوديّة، وقال قائد الحملة: "قد قتلنا كلّ شيء يتنفّس في المدينة" وحين جاء صلاح الدين الأيّوبي اشترط حاكم المدينة المسيحيّ تسليمها بشرط الحفاظ على الشعب، فوافق صلاح الدين، وحين دخل احترم العهد ولم تُرقْ قطرة دم واحدة ولم يحطّم أيّ كنيسة.
سنة 1204 تسقط القسطنطينيّة في حرب أهليّة بسبب اختلاف في المذاهب المسيحيّة.
سنة 1224 يصدر الإمبراطور فريديريك الثاني مرسوما بقتل الكفّار أو قطع ألسنتهم، لكن هذا القانون ليس جيّدا وهو معمول به أصلا من قبل، فصدر قرار (سنة 1255 مع ألفونس العاشر) بضرورة الحرق وتمّ إنشاء محارق ضخمة ألقي فيها المسلمون واليهود أحياء. بوصفهم كفّارا.
وتواصل القتل والقمع في كامل أوروبا بتحريض من الرهبان والقساوسة وأنشت محاكم التفتيش، ويطول المقام بنا هنا عن ذكرها كلّها.
وكلّ هذه الأفعال البربريّة تسندها نصوص دينيّة (فلا يقول أحد أنّ المسيحيّة الحقيقيّة لا تأمر بهذا) وانظرْ سفر اللاويّين 22-18 و 22-20 وغير ذلك.
وكان القتل والتعذيب بتهمة الكفر يطال الرجال بداية من سنّ 14 والنساء بداية من سنّ 12 فصار قتل الأطفال مسموحا به (بمباركة الكنيسة) بداية من سنّ العاشرة.
وما زال سجلّ المسيحيّة حافلا على مرّ تاريخها قبل تقليم مخالبها وفصلها عن الدولة، وإنّما هذه عيّنة صغيرة فقط.
المصدر: محمّد النجّار ( الغريب بن ماء السماء ).
فالدين يبدأ سلميّا حين يكون ضعيفا ولكنّه يكشّر عن أنيابه ويخرج مخالبه ما أن تتحقّق له بعض القوّة.
المسيحيّة التي سبقت الإسلام سارتْ على هذا النهج وسلكتْ هذا الطريق، وظلّت مسالمة لما يقارب ثلاثة قرون، كانت مسالمة لأنّها ضعيفة، لكن تغيّر الخطاب في القرن الرابع ما أن اعتنقت روما المسيحيّة وتحقّقت القوّة لها، فكشّرت عن أنيابها وأخرجتْ مخالبها، وسنورد بعض الأمثلة:
بداية القرن الرابع:
قنسطنطين يعتنق المسيحيّة ويصدر أوامره بإحراق كلّ الكتب المعارضة للعقيدة، ومهدّدا بعقوبة الصلب لكلّ من يحافظ على كتاب لا يتماشى مع الرؤية الرسميّة لمجمع نيقيّة.
نهاية القرن الرابع:
المسيحيّة تصبح ديانة الدولة رسميّا تحت حكم تيودوس، ويتمّ تحطيم المعابد الرومانيّة وتحويلها إلى كنائس، ليتحطّم معها بعض تاريخ الفنّ القديم، ولتُمنع أيّ ديانة أخرى غير المسيحيّة.وتمّ إصدار (في عهد تيودوس وحده) 15 مرسوما ملكيّا بالتعذيب ضدّ المخالفين للعقيدة، قتمّ ملاحقة المانويّين وقتلهم، وسمل أعين المارسونيّين (marcionites) وهو مذهب مسيحيّ، وتمّ حرق كتب الآروسيّين. (مذهب مسيحيّ)
تحت حكم تيودوس أيضا تمّ إسقاط الحقوق الاجتماعيّة للـ "كفّار" ولم يعد لهم الحقّ في الوراثة ولا المشاركة في المجتمع.
سنة 385 ميلادي، القدّيس تيوفيل بطريرك الإسكندريّة يحطّم أيضا المعابد الرومانيّة ويستعمل حجارتها لبناء الكنائس، وخاصّة معبد ميترا ودينوسوس، وفي سنة 391 يحطّم معبد سيرابيس مع مكتبته الضخمة وكان يُعتبر من روائع الفنّ المعماري.
وفي سنة 385 أيضا ولأوّل مرّة، يصدر الحكم بحرق شخص "زنديق" حيّا بعد تعذيبه، وهذه البربريّة سيتمّ تعميمها بداية من سنة 447 ميلادي.
سنة 401 في شهر يونيو، يأمر القدّيس أوغسطين في قرطاج بتحطيم المعابد الوثنيّة هناك فهاجمها الشعب الهائج وقام بتكسيرها وقُتل فيها بعض "الكفّار".
سنة 415 يهاجم بعض الرهبان المسيحيّن المرأة Hypathia وهي أكبر عالمة رياضيّات من مدرسة الإسكندريّة ويتمّ قتلها بتحريض من سيريل بطريرك الإسكندريّة. وبعد مقتلها يغادر عديد الفلاسفة والعلماء الإسكندريّة خوفا من همجيّة هؤلاء الرهبان ويتفرّقون في فارس والهند، لتفقد الإسكندريّة بريقها المعرفيّ بعد أن كانت منارة للعلم، ويتمّ حرق كلّ المخطوطات "الكافرة" للفلاسفة والتي استطاع البعض منها النجاة بفضل ما تمّ حفظه عند الفرس والهنود والصينيّين وكذلك عند "العرب: أثناء الفتوحات والذين ترجموا أعمالا عديدة، بينما غطستْ أوروبا في الظلام الدامس.
سنة 532 ميلادي يغلق جستنيوس مدرسة أثينا، ففرّ الفلاسفة والعلماء إلى فارس.
سنة 590 ميلادي يأمر القدّيس غرغوريوس بفرض المسيحيّة في الأراضي المحتلّة من قبل روما، أحيانا بالترغيب وأحيانا بالترهيب والعنف.
بين القرن السابع والخامس عشر الميلاديين، وبسبب حرق كلّ المكتبات تقريبا، وفي تلك الفترة تمّ حرق حوالي مليون امرأة حيّة بتهمة السحر.
سنة 804 ميلادي يُدخل الإمبراطور شارلمان عديد الساكسون إلى المسيحيّة، مقترحا عليهم التالي:
إمّا أن يصبحوا مسيحيّين وإمّا أن تقطع رؤوسهم، وتمّ قطع عشرات الآلاف من رؤوس الساكسون بمباركة الكنيسة التي تطبّق شريعة الله على الأرض.
سنة 897 ميلادي، يأمر البابا إتيان السادس بإخراج جثّة البابا الذي كان قبله "فارموس" ويأمر بسحبها من قدميها ويقطع ثلاثة أصابع منها ثمّ يلقيها في النهر، فقام البعض بحمل الجثّة -خفية- وأعادوا دفنها، و مع البابا سرجيوس الثالث الذي بعده أمر مرّة أخرى بإخراج الجثّة وألبسها ملابس البونتيفيكيّة وأجلسها على العرش ثمّ أعاد محاكمتها، (افتراضيّا) ثمّ قطع لها ثلاثة أصابع أخرى ومزّق الجثّة وألقاها في النهر، لكن هذه المرّة لم يعد أحد دفنها.
في القرن الحادي عشر ميلادي يطالب بطريرك الاسكندريّة باستعمال الخميرة في الخبز أثناء الاحتفالات المسيحيّة، لكن بابا روما يؤكّد على ضرورة استعمال الخبز بلا خميرة، وأمام هذا الاختلاف (نقطة جوهريّة كما ترون!) انقسما وسقط بطبيعة الحال مئات القتلى.
سنة 1099 تسقط القدس في الحروب الصليبيّة، ويسلّم الحاكم العربي المدينة بشرط أن يتمّ الحفاظ على الشعب، فوافقوا على ذلك، ففتح الحاكم أبواب المدينة، لم يحترموا العهد، سبعون ألف مدنيّ تمّ قتله ساعات بعد فتح المدينة، أمّا النساء والأطفال فقد تمّ اغتصابهم قبل قتلهم أو استعبادهم. وتمّ تحطيم المساجد والمعابد اليهوديّة، وقال قائد الحملة: "قد قتلنا كلّ شيء يتنفّس في المدينة" وحين جاء صلاح الدين الأيّوبي اشترط حاكم المدينة المسيحيّ تسليمها بشرط الحفاظ على الشعب، فوافق صلاح الدين، وحين دخل احترم العهد ولم تُرقْ قطرة دم واحدة ولم يحطّم أيّ كنيسة.
سنة 1204 تسقط القسطنطينيّة في حرب أهليّة بسبب اختلاف في المذاهب المسيحيّة.
سنة 1224 يصدر الإمبراطور فريديريك الثاني مرسوما بقتل الكفّار أو قطع ألسنتهم، لكن هذا القانون ليس جيّدا وهو معمول به أصلا من قبل، فصدر قرار (سنة 1255 مع ألفونس العاشر) بضرورة الحرق وتمّ إنشاء محارق ضخمة ألقي فيها المسلمون واليهود أحياء. بوصفهم كفّارا.
وتواصل القتل والقمع في كامل أوروبا بتحريض من الرهبان والقساوسة وأنشت محاكم التفتيش، ويطول المقام بنا هنا عن ذكرها كلّها.
وكلّ هذه الأفعال البربريّة تسندها نصوص دينيّة (فلا يقول أحد أنّ المسيحيّة الحقيقيّة لا تأمر بهذا) وانظرْ سفر اللاويّين 22-18 و 22-20 وغير ذلك.
وكان القتل والتعذيب بتهمة الكفر يطال الرجال بداية من سنّ 14 والنساء بداية من سنّ 12 فصار قتل الأطفال مسموحا به (بمباركة الكنيسة) بداية من سنّ العاشرة.
وما زال سجلّ المسيحيّة حافلا على مرّ تاريخها قبل تقليم مخالبها وفصلها عن الدولة، وإنّما هذه عيّنة صغيرة فقط.
المصدر: محمّد النجّار ( الغريب بن ماء السماء ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق