رحلتنا العلمية ونصوصنا الدينية وما حرمتنا الألهة منه
قديما كنا ننظر الى السماء, لنرى الألاف من النقط البيضاء. ولم يكن بمقدورنا إلا وضع التخمينات, وقمنا بالتخمين فعلاً: قمنا بإستخدام قوة المنطق والإستنباط التي نمتلكها, لتفسير ما يحصل حولنا, ولكنا في معظم الأوقات إعتمدنا على وحي القساوسة والأنبياء لإظهار ما تخفيه الألهة, وأسميناها معرفة.
قصة الخلق في سفر التكوين تذكر أن الله خلق النجوم ووضعها على قبة السماء ومن وجهة نظر الإنسان لم يكن الكون كبيراً, فالله خلق الأرض – جوهرته – وأحاطها بالسماء, وكان ذلك تفسيراً كافياً للمجتمعات البدائية؛ حيث لم يكن بمقدروهم رؤية ما يقع خلف الجبال. وهنالك مقاطع في الكتب المقدسة تشير الى نهايات الكون, تشير الى سقوط النجوم من مواقعها المفترضة. وبدا هذا منطقياً في ذلك الوقت, وإستغرقنا قرابة الستمائة سنة لنختلف عن هذا الرأي. بعد حوال ألف سنة من الظلمة, بإستخدام المنهج العلمي, في العام 1573 إكتشف “تيخو براهي” أن النجوم ليست مثبتة على السماء فكانت تفتقر الى التزيح اللازم الذي تحتاجه لو كانت قريبة من الأرض . فجأة أصبحت لدينا لمحة عن الحجم الحقيقي للكون. ولكن الأرض ما زالت مركز الخلق كما ذكرت النصوص المقدسة. حتى نظر مؤسس العلوم المعاصرة من خلال تلسكوب – إحدى أولى الأجهزة العلمية التي زادت من الحس الإدراكي للإنسان لما يفوق طبيعته – ليرى النجوم التي تدور حول كوكب المشتري, وكانت هذه الملاحظة وحدها كافية لتثبت أن الأرض ليست مركز الكون, وأكثر دهشة من هذا: الأرض ليست الكوكب الوحيد في الكون. وأكتشفنا أن بعضاً من هذه النقاط البيضاء كانت عوالم تدور حول بعض مثل نجمنا. ولست متأكداً متى حدث هذا, ولكن في حوال تلك الأوقات, أدركت الإنسانية أننا وجدنا طريقة لنتغلب على حدود حواسنا ومخيلاتنا البشرية, طريقة لنفهم بها كوننا, عالمنا, وأنفسنا. طريقة تحررنا من الخرافة وتعطينا أجوبة نبحث عنها. وهذه الطريقة, هذه الفكرة الجديدة, أسميناها العلم. وكانت هذه هي الوسيلة التي نفتقدها والتي بدونها لم نكن نقدر أن نبني حضارتنا. وسائل أفضل تعني معلومات أفضل ومعلومات أفضل تعطي وسائل أفضل. الفيزياء الفلكية ألغت التنجيم, ورأينا السماء بحقيقتها المجردة. الطب ألغى الدعاء القرابية للألهة وأكتشفنا العلاج والشفاء الحقيقي. الكيمياء ألغت الخيمياء, وأنارت الكهرباء ظلام جهل العصور الماضية. إكتشفنا الكائنات الدقيقة التي تسكن أجسامنا, شطرنا الذرة, وسخرنا القوة المختبئة في طيف الموجات الكهرومغناطيسية, شاهدنا ولادة وموت النجوم, وكشفنا أسرار الكون, فككنا شفرة صناعة النسيج الحيوي, وحتى شرعنا متخطين حدود كوكبنا. وعلى الرغم من أننا قضينا بضعة ألاف من السنين نخضع ونقتل بإسم الألهة, لم تقم تلك الألهة بكشف أي من هذا لنا. والأن يحاول البعض إختراق العلوم وعزوها الى ما يعبدون, ولكن لماذا إنتظر معبودهم كل هذا الوقت ؟ لماذا لم يضعه في كتابه المقدس ؟
قبل مئة ألف سنة ولد الإنسان العاقل, عادة … بل في معظم الأحيان, كان يموت أو يقتل أمه أثناء ولادته, وكانت مدة الحياة لا تتعدى 20 أو 25 سنة, ربما كان سبب الموت الأسنان حينما يكن الدماغ فعالاً كما هو اليوم, أو بسبب الجوع أو بسبب الكائنات الحية الدقيقة التي لم يعلموا بوجودها؛ وإن كانت القصة المسيحية صحيحة , فكان الله يرى هذا مكتفاً يداه. -كريستوفر هيتشنز
ولازال البعض يخبرنا بأن العلم لا يوفر الأجوبة, محاولين جرنا الى العصور المظلمة, وهم يستخدمون أدوات علمية في نشر قولهم. ولكنا وجدنا الطريق الى الأمام, والأجوبة تكون في بعض الأحيان مرعبة, ولكنا نعلم من أين أتينا, ونعلم الطريق الصحيح الى الأمام.
يشعرني هؤلاء بالعودة الى الكهف لما يخبروني به: تحتاج الى مساعدتي, أقسم لك بأني سأخبرك بالمستقبل, سأعالجك, سأفعل كل هذه لأمور لأجلك, ولكنهم بهذا يخبروك أنك أدنى مرتبة منهم, هم بهذا يطلبون منك العودة الى الكهف, حيث كان يسكن أسلافك, ولكنا وصلنا الى القمر, تباً للكهوف, لقد وصلنا الى القمر. - جايمس راندي
هنالك أسطورة قديمة تذكر أن الله منعنا من بناء برج يصل الى السماء. حسناً, لقد تغاضينا عن كلام القساوسة, وبنيناه. ورأينا ما لم يريدوا أن نرى, رأينا أننا قد تم خداعنا كل هذه الفترة, رأينا أمراً قوياً جداً لدرجة أنه, بإمكانه أن يزيح كل الأساطير والخرافات. إنها لمحة بسيطة عن حقيقة الكون, النجوم ليست في السماء, ولا يمكن أن تسقط على الأرض. وطبيعة الوحي الإلهي للمعرفة هي إسطورة وضعت حينما كان الإنسان لا يقدر أن يفهم أي شيء عن الكون.
لقد كان العلم هو من أخرجنا من الظلمة, وبين لنا ما نحتاج لمعرفته, وفتح أعيننا على الحقيقة,وأعطانا كل ما حرمتنا الألهة منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق