الحشاشون حركة دينية شيعية إسماعيلية ظهرت في القرن الحادي عشر الميلادي كان أتباعها شديدي الفداء بالنفس حتى قصت عنهم أعظم الحكايات والروايات وحتى الألعاب الألكترونية, ومن أكثرها شيوعاً لعبة عقيدة القتلة Assassins Creed. في تلك اللعبة الإلكترونية هنالك كرة ذهبية تسمى بـ”تفاحة إيدن” يقوم قائد الحشاشين أنذاك بالسيطرة على عقول أتباعه عن طريق هذه الكرة حتى يقوموا بأفعال جنونية (إن صح التعبير) تتمثل بفداء الأنفس والإندفاع الغير طبيعي لتنفيذ أوامر ذلك القائد بل في بعض الأحيان يقوم هؤلاء الأتباع بإيذاء أنفسهم !! ربما تكون الفكرة لا عقلانية بعض الشيء ولكن وردت في أكثر من مصدر, فيذكر أحد المصادر, أنه حين قام أحد قياديّ الحشاشون بمقابلة قائد الحملة العسكرية العباسية الموجهة من قبل الخليفة المسترشد ضدهم, أمر أحد أتباعه بأن يرمي نفسه من الجبل, فرماها, فأمر الثاني بأن يقتلع عينه, فأقتلعها, فأمر الثالث بأن يقطع رأسه, فطلب منه القائد العباسي بأن يتوقف, فتوقف عن تلك الأوامر.. يا ترى ما تلك الحيلة ؟ ما تلك الفضيلة التي يتمتع بها؟
حين تحدث أحد الحشاشون عن عملية تجنيده ذكر أنه كان كادحاً متواضع الحالة الإجتماعية والمالية, تم أختطافه من أحد الأسواق الشعبية في إيران ويشك أنه تم إعطاءه بعض العقاقير المستخلصة من الحشائش, من هنا بدأت رحلته. أخذ الى أحد قصور الحشاشين المحاط بالطبيعة الخلابة والجواري ذوات المظهر الحسن, وترك هناك. صحى هنالك وكان ضائعا لا يدري بما يحيطه, أهو حقيقة أم خيال ؟ أتى اليه رجل فقال له “إنك في الجنة وذلك القصر ملكك تمتع هنا الأن وحين تنتهي من متعتك فلتذهب لترى ما يحمله لك قصرك”, بعدما قضى 3 او 4 أيام توجه الى قصره فقابله شيخ مسن, قائلاً: “أنت لم تمت الى حد الأن, بل أراد الله أن يريك عاقبتك ويجعلك من خدمه الصالحين سوف تعود الأن الى الأرض كي تخدم الله وتجعل فأسك حاداً في رقاب الشر وخدمة لأجل الخير” ثم يقال أنه أعيد به الى نفس المكان التي أخذ منها وهنالك ترك وحيداً لم يقابل أي شخص يروي له ما يريده الله منه كي يعود الى جنته وقصره حتى مرور ما يقارب الشهرين أو ثلاث, بعدها قابله شيخ أخر وأخذه الى أتباعه وتم تجنيده كي يكون مقاتلاً مثالياً فدائياً صنديداً. الجدير بالذكر أنه يلجاً الحشاشون الى الإنتحار عادة حين يتم إلقاء القبض عليهم مما يجعلنا نشك في سلامتهم الفكرية والذهنية.
ما أريد قوله من قصص الحشاشين ولعبة عقيدة القتلة أن تلك الكرة الذهبية المسماة بتفاحة إيدن هي حقيقة, لكنها ذات دلالة معنوية وليست ملموسة, كل ما في الأمر يتم تجنيد الرجال ذوي الحاجات البائسة للحصول على نعيم الجنة عن طريق الوعود الكاذبة فتذكر جيداً كل ما يحمله المجاهد (الإرهابي) في عقيدته وأفكاره فله الجنة وله السعادة الأبدية وحور العين والقصور وجبال من الذهب (التي لا أدري أين سيبيعها وما سيفعل بثمنها) بمجرد أن يكون مقاتلاً مفجراً نفسه وسط سوق شعبي للكفرة الشيعة أو الصهاينة المحتلين أو الفرس المجوس أو غيرها من التسميات الرنانة… ذلك طبيعي جداً, فهذه الحياة مجرد إختبار ويجب أن يصب كامل إهتمامه وتركيزه على حياة أخرى موعودة.. أتذكر في أحد مقاطع الفيديو المتواجدة على اليوتيوب حين “إستشهد” أحد مقاتلي جبهة النصرة سأله زملائه “عمتشوف الحور ؟؟؟” وكرروا عليه السؤال مراراً وتكراراً دون أن يطمئن قلبهم لإجابة مرضية. أتذكر في مقابلة تلفزيونية أجراها أحد منتسبي الجيش العراقي لرجل من “دولة العراق الإسلامية” قال له “ماذا تنتظر حين تفجر نفسك وسط الأبرياء والمسلمين من المدنيين أو حتى الجيش ؟” فرد عليه ذلك المجاهد قائلاً : “يقال إنني سأكل جنباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم”.
ولنتحدث قليلاً عن الإنتهاكات الكثيرة التي يشهدها الطفل الناشئ في عائلة إسلامية أو عائلة كاثوليكية. فهذا الطفل المسكين سيتم تلقينه بأنه لا شيء وأن كل ما تحدثه نفسه به وكل ما يتناه كجزء من غريزته الإنسانية هي مجرد إيحاءات شيطانية بل هي إعتداء على غريزة الله المزروعة فيه, عليه أن لا يسأل عليه أن لا يجادل, ويا ويله لو طلب دليلاً على وجود الله أو تساءل عن مغزى خلقه وما سيمنح الله لو صلى أو دعى, عقدة الذنب تلك يجب أن يتم تربيته عليها, عقدة أن نفسه خطائة ويتوجب عليه أن لا يتبعها, ويا ويله لو إستمنى بيده, ويا ويله لو نظر الى خصلات شعر إمراءة تلك الخيوط الكيراتينية التي ستزوغ الى نفسه أن ينكحها, لو يعلم هذا الطفل ما حجم الكون وما حجم المجرات الموجودة به وكم سخيف ذلك الإله الذي يهتم لمجرد إستمنائه أو تبوله واقفاً. يربى ذلك الطفل تربية عصابية, ذلك الإضطراب النفسي الذي يشعر حامله بوجوب القيام بأعمال إلزامية كالجري خلف الإمام أو التوقف عن الطعام والشراب بغية مرضاة الله. هذا إضطراب نفسي واضح يلاحظ على جميع الفئات المؤمنة ولكن من تعريف كلمة الإضطراب نعلم أنه أمر غير طبيعي وشذوذ عن قواعد الصحة النفسية, فمن أحدث ذلك الإضطراب يا ترى ؟
لا أود أن ابدو ساذجا أو “كليشي” ولكن ما أشهد يتمثل بأبشع مظاهر الإنتهاك للبراءة الطفولية والفطرة السليمة. أي مسلم أو كاثوليكي سابق سيفهم عن ما أتحدث, بل سيتذكر تجربته الشخصية حين كان يظن أنه من الغير المسموح له أن يمرح أو بالأحرى أن يمشي بالأرض مرحاً أو أن يتباهى بعمل قام به بعد عناء وجهد طويل دون أن ينسب توفيقه لكائن فوق الطبيعي خرافي يقال عنه الكثير وتتضارب حوله الأراء. كل مؤمن سبق يتذكر كيف كان يود أن يبكي ويتضرع بل يفرغ ما تحمله عيناه من دموع كي يرضي ذلك الكيان أو ليسامحه على ما أقترفه من أفعال كانت جزئاً طبيعياً جداً من غريزته الإنسانية, دون أن يسأل ما يود ذلك الكيان أن يفعل بدموعي ؟ ما الذي يحمله أن يحثني على تفجير نفسي وسط سوق شعبي ؟ أو حتى وسط مدرعة صهيونية ملئية بالبشر .. هؤلاء البشر من لديهم عوائل وأقارب وأطفال كي يحزنوا لو أصابهم شيء. من أنا كي أصف نفسي بالداري لرغبة الإله وكيف لي أن أضع حياة ومستقبل الكثير من البشر تحت وطأة درايتي ؟ أليس لهذا الإله قدرة على أن يفعل شيئاً دون مساعدتي ؟ لماذا قام هذا الإله بخلق الشر أساساً ووضع علي عبئ أن أتخلص منه ؟
من الغريب جداً ان يضع أحد عناصر تنظيم القاعدة الجهادي هذه التساؤلات على مائدة الطرح, ولكن من الطبيعي جداً أن اطرح أنا التساؤل التالي : “ما هو نوع المناعة التي تحملها أفكار هذا الفرد كي تجنبها هذه التساؤلات ؟”. نحن كبشر لدينا القدرة على التقييم الموضوعي لما نتناوله من أفكار, فمثلاً لدينا فرضية وجود الإله, ليس عليها دليل, إذاً هذه الفرضية خاطئة… هل من المنصف أن نصنف عناصر تنظيم القاعدة على أنهم ليسوا ببشراً ؟
البرمجة إصطلاحاً هي عملية تعيين مسار معين لشيء ما كي يأخذه دون غيره, وأنا هنا أتساءل الا يصلح إصطلاح البرمجة على هؤلاء الأفراد ؟ أنا شخصيا, أرفض أن تتم برمجتي, وكل إنسان عاقل يرفض ان تتم برمجته ولكنه يضع تلك القاعدة بعيداً عن الدين فمن حق الشيخ أو الداعية أن يقوم ببرمجته أو يسيره على مسار معين بعملية التلقين الحقيرة المنتشرة على القنوات الفضائية وصفحات الأنترنت وإذاعات الراديو وغيرها, تخيل معي طفل ينشأ في بيئة مسلمة يستمع لإذاعات القرأن الكريم وظواهرها الصوتية ويقرأ كتب البهيقي والحويني وأبو إسلام وقتادة وغيرهم من المتعفنيين فكرياً وحينما يدخل الى الإنترنت والفيسبوك تواجهه الصفحات الإسلامية بـ”أستغفر الله وأتوب إليه أستغفر الله العظيم” و”قال مسلم” و”روى البخاري” و”حدثنا أبو هريرة”. وتأخذ تلك البرمجة أبشع مظاهرها حين يضرب الأب إبنه إن لم يصلي أو يوبخه إن لم يذهب الى المسجد ويشير الإمام بالعصاة للأطفال حين يقوم بتحفيظه سورة البقرة, أليس الله هو من خلقنا على فطرة سليمة ؟ لماذا خلقنا تاركين للصلاة ؟ لماذا خلقنا متكاسلين عن صلاة الجماعة ؟ لماذا لم يخلق القرأن جكزء من فطرتنا ونولد حافظين له ؟ ستقول لي إنه إبليس اللعين,, وأرد عليك لماذا خلق إبليس أساساً ؟ ألم يكن يعلم ما سيفعل إبليس ؟ ألم يكن يعلم أن كل ما سيحل بكرتنا الأرضية من مصائب سيكون سببها إبليس ؟ هل من الحكمة إذا خلق إبليس ؟ ما الحكمة أساساً من خلقنا أو خلق ذلك العدد الهائل من الأفارقة ممن يموتون بالألاف يومياً جوعاً ؟ ما الحكمة من خلق ذلك الجنين الذي سيموت في بطن أمه ولم يشهد النور بعد ؟؟؟ تلك الأسئلة المؤمن مبرمج أن لا يطرحها بل يتغاضى ولا يجالس ولا يناقش أياً من يطرحها .. ولماذا يرفض المسلمين أن نسمي هذه العلميات بالـ”برمجة” ؟ ببساطة لأن هذا الرفض جزئاً من برمجتهم وتلقينهم, ولو إلتقوا بالأشخاص المناسبين لكانت برمجتهم على أن يفجروا أنفسهم ويحلتوا إيطاليا ويغزوا السويد وسيسقطوا أمريكا اللعينة. لاحظ الفئات الجهادية عند ممارستها لأفعالها حين تنادي بـ”الله أكبر” و”لا إله إلا الله”.. وأنا أنوي أن أزف لهم الخبر السيء : “الله ليس أكبر” و “الله ليس إلهاً” الله هو فكرة تمت برمجتكم لقبولها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق